طلاقة القدرة في الكون - نجاة للمؤمنين
الله سبحانه وتعالى .. يريد أن ينجي المؤمنين من هذه الحياة الشقية .. فهو وعدهم بالحياة الطيبة .. والحياة الطيبة ليس فيها الشقاء البشري الذي تفرضه المادة على الإنسان .. بل فيها رحمة الله سبحانه وتعالى .. تلك الرحمة التي جعلت طفلا كإسماعيل عليه السلام
يضرب الأرض بقدمه الصغيرة فيخرج ماء زمزم .. بعد أن هرولت أمه عليها السلام بين الصفا والمروة سبعة أشواط وهي تبحث عن الماء .. تأتي رحمة الله لتجعل الماء يخرج من ضربة بقدم طفل صغير .. فيتشقق الصخر ويخرج منه الماء
تلك هي المعجزة الكبرى التي يريدنا الله أن نعيش معها .. فإذا وقفت أمامنا الأسباب فأمامنا الطلاقة الكبرى .. نلجأ إليها .. ولذلك قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ) .. وإذا تأملنا هذه الآية .. نجد أن الله سبحانه وتعالى استخدم لفظ ( المضطر ) المضطر ذلك الذي تخلت عنه أسباب الدنيا ووقف كل شيء حائلا بينه وبين ما يريد .. حينئذ لا تجدي الأسباب معه .. فيقول الله سبحانه وتعالى .. إذا تخلت عنك الأسباب فلا تيأس ولا تعتقد أن كل شيء قد ضاع .. بل ارفع يديك إلى السماء وقل ( يا رب ) وساعتها تتفتح أبواب السماء .. وتتدخل القدرة .. لتحقق لك ما تريد
وهذا ليس غريبا عنا .. عن حياتنا العادية .. وليس كلاما يقال دون أن يكون له واقع في الحياة .. فلو استعرض كل منا شريط حياته لوجد أن فيه طلاقة القدرة .. كم منا واجه مشاكل بلا حل .. وربما ظل ساهرا ليالي طويلة .. يقلب عقله .. ويعمل فكره .. ولا يستطيع أن يصل إلى الحل .. ثم فجأة يتغير كل ما حوله ليجد الباب مفتوحا من حيث لا يدري ولا يحتسب .. ويأتي الحل ميسرا سهلا من أشياء لم نكن نتوقعها .. ولا نظن أنها ستحدث .. كل منا مر بذلك .. وكل منا رأى في حياته مرة أو مرات قدرة الله سبحانه وتعالى وهي تزيل ظلما ما كان يحسب أن يزول . . أو تحل مشكلة لم يكن يعتقد أن لها حلا .. أو تأتي بشيء لم يكن يحلم به .. كل هذا حدث لنا جميعا
يريد الله سبحانه وتعالى أن يملأ النفس المؤمنة برحمته .. بحيث تواجه مصاعب الحياة وفي قلبها شعلة إيمان لا تنطفئ أبدا .. حينئذ يحس الإنسان المؤمن بأن كل الصعاب التي يواجهها لن تقضي عليه .. ولا تمس أمنه و أمانه .. لماذا ؟ .. لأنه يتذكر قول الله سبحانه وتعالى ( هو عليّ هين ) .. فالصعاب مهما بلغت فهي على الله شيء هين .. وهي أمام قدرة الله سبحانه وتعالى لا شيء .. والانتحار .. ولعل ارتفاع نسبة الجنون والانتحار في الدول المادية .. وانخفاضها في الدول التي تتمسك بالدين هما خير دليل على الحياة الطيبة التي يعطيها الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين
والنقطة الثانية هي أن طلاقة القدرة تفسر لنا ما يحدث في الكون من أشياء لا تتفق مع الأسباب .. فنحن نعيش في كون تحكمه طلاقة القدرة مع الأسباب .. ولذلك فاننا نرى أحيانا أن إنسانا ضعيف لا حول له ولا قوة .. فنجد قدرة الله سبحانه وتعالى تأتي إلى هذا القوي فتزيله من مكانه .. وتأتي بهذا الضعيف وتضعه مكانه .. ذلك يحدث أمامنا في العالم كل يوم .. ولو طبقنا الأسباب لقالت عكس ما يحدث .. ولكن الأسباب شيء . . وطلاقة القدرة شيء آخر
فإذا جئنا لأمة كافرة .. كالاتحاد السوفيتي مثلا نجد الله سبحانه وتعالى يسلط عليها ما يهلكها .. أحيانا بين ويوم وليلة .. وأحيانا على فترة من الزمن .. فإذا نظرنا إلى الاتحاد السوفيتي بعد أن كان هو مخزن الحبوب في العالم .. وبعد أن كانت أوكرانيا تنتج من القمح ما يزيد على حاجة الاتحاد السوفيتي بكميات هائلة .. نجد أن البركة قد رفعت منها .. وأصبح الاتحاد السوفيتي يستورد كميات كبيرة من القمح من الخارج .. ولا يجد رغيف الخبز الذي يقتات به وانتهى الأمر به إلى الانهيار والتفكك إلى دويلات صغيرة متناحرة .. وكذلك نجد في كل الدول التي تحارب الدين .. تملؤها الكوارث .. ويذهب عنها الأمن والأمان .. ويصبح رزقها ضيقا .. وأمنها معدوما .. والشقاء يخيم على كل من يعيش فيها كل ذلك يتم بطلاقة القدرة دون الأسباب التي ربما قد تؤدي إلى عكس ذلك .. بل أنه في بعض الأحيان .. تقوم هذه الدول بمشاريع تجند لها دعايتها .. وتقول إن بها خيرا وفيرا .. وأنها ستحقق الرفاهية والعيش الرغد .. ثم تتم هذه المشاريع فإذا بها تأتي بعكس ما قيل عنها تماما .. وإذا به وبال .. في وبال .. في وبال
وطلاقة قدرة الله سبحانه وتعالى تجعله هو الوحيد .. وتجعل كل ما حوله متغيرا .. وتأتي أنت لترى الدول الكبيرة التي لم تكن تغرب عنها الشمس وقد تضاءلت وربما انمحت من خريطة الكون .. وربما أصبحت عاجزة عن حماية نفسها .. مع أن الشعب هو الشعب لم يتغير .. والقدرات هي القدرات لم تتغير .. ولكن الله سبحانه وتعالى هو الذي غير كل شيء