من هم الكاذبون ؟
قال المستشرقون عن القرآن الكريم .. التناقض الذي يدعون إنه موجود به .. وهم في كل ما يثيرونه إظهار لإعجاز القرآن الكريم .. قول الله سبحانه وتعالى في سورة المنافقون : ( إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) سورة المنافقون
يقول المستشرقون إن المنافقين قد شهدوا أن محمد رسول الله .. وأن الله يعلم أن محمدا رسوله .. ويعلم أيضا أن المنافقين كاذبون .. كيف يكون المنافقون كاذبين وهم شهدوا بما شهد به الله .. كيف تكون الشهادتان متفقتين .. في أن محمدا رسول الله ومع ذلك يكون المنافقون كاذبين .. مع اتفاق ما شهدوا به .. مع علم الله .. مع أن الكذب هو عدم مطابقة الكلام للواقع .. فهل كلام المنافقين بأن محمدا رسول الله ليس مطابقا للواقع ؟ هذا تناقض .. هكذا يقول المستشرقون ..
نأتي بعد ذلك إلى معنى الآية الكريمة .. هم أي المنافقين قالوا : ( نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) إذن فهي قضية صادقة .. فكيف يقول الله سبحانه وتعالى إن المنافقين كاذبون ؟ هل التكذيب هنا يقع على انك : لرسول الله لا .. محمد رسول الله هذا صدق التكذيب هنا يقع على كلمة ( نَشْهَدُ) لأنهم قالوا .. نشهدوا إنك لرسول الله .. فالتكذيب وارد على كلمة نشهد لأن معنى الشهادة .. إننا نقول بألسنتنا ما في قلوبنا .. والله يعلم إن ما في قلوبهم يخالف ما يقولونه بألسنتهم .. إذن فقولهم (نَشْهَدُ إِنَّكَ) .. كلمة نشهد .. هم كاذبون فيها .. كاذبون في أمر الشهادة .. لأنهم لا يشهدون .. ولا يؤمنون .. إن محمدا لرسول الله .. إنما جاءوا لينافقوا بهذا الكلام .. لا عن صدق .. ولكن عن نفاق .. محمد رسول الله لا تكذيب فيها .. ولكن التكذيب منصب على كلمة ( نَشْهَدُ) .. في ذلك قال الله سبحانه وتعالى : ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) وهنا فرق بين الشاهد والمشهود به .. فرق بين تكذيب الشهادة .. وبين تكذيب المشهود به .. المشهود به إنك رسول الله صحيح مائة في المائة .. ولكن شهادة المنافقين هي المكذبة .. ومن هنا ترى دقة التعبير في القرآن الكريم .